الأربعاء، 20 يناير 2010

السياحة في تركيا مدينة نصيبين التاريخية

image

نصيبين, مدينة تاريخية تقع حالياً ضمن حدود تركيا وتتبع اليوم لولاية (محافظة) ماردين وفيها دير مار يعقوب الأثري القديم الذي يحوي على ضريح القديس مار يعقوب شفيع نصيبين والذي يتبع لأبرشية طور عبدين السريانية، كما يوجد فيها اليوم متحف ضخم لمختلف الحضارات التي تعاقبت على نصيبين. بالإضافة إلى موقع المدينة بين نهري دجلة و الفرات ملاصقة لمدينة القامشلي السورية (نصيبين الجديدة)، ضمن بلاد ما بين النهرين العليا؛ كل هذا جعل منها منطقة سياحية هامة في جنوب شرق تركيا.

وترجع تسمية نصيبين إلى الكلمة السريانية ( ܢܨܝܒܝܢ ) nisibin , وبالعربية النصبات أو الغرسات المنصوبة و هو اسم جمع سرياني لكلمة ( ܢܨܒܬ̥ܐ ) السريانية وذلك كون نصيبين مغروسة على ضفاف نهر جقجق، بين النهرين العظيمين دجلة والفرات. وعاش فيها الأسقف والعالم النسطوري إلياس النُصيبي (975 ـ 1046) الذي ألف كتاباً أسماه (كتاب المجالس) وقد دافع فيه عن توحيد النصارى في عام 1026 وذلك في حوار مع الوزير أبو القاسم الحسين ابن علي المغربي (981 ـ 1027). وأورد هذا الدفاع الذي أثبت فيه معرفة فائقة بالقرءان العظيم في الجلسة الثالثة من الكتاب الذي يتكون من سبعة جلسات في شكل رسائل. كما عاش فيها القديس العظيم مار يعقوب النصيبيني (325م+) معلم كنارة الروح مار أفرام السرياني (373م)، الذي أنشأ في نصيبين ديراً عظيماً كان بمثابة الجامعة في أيامنا هذه، وكانت تعلم العلوم الفلسفية واللاهوتية والطبية والرياضيات وغيرها من العلوم الإنسانية، وباللغة السريانية و اليونانية، وقد دفن مار يعقوب الذي كان أسقفاً لنصيبين السريانية في ديره الذي لايزال عامراً حتى اليوم، لا بل ومحجاً لآلاف السياح والمؤمنين السريان في العالم. ولا يفوتنا أن نذكر أن الدير عائد الكنيسة السريانية الأرثوذكسية.

 

 

تسمية نصيبين

ان مدينة نصيبين عريقة بالقدم، وجاء اسمها في الأسفار الإلهية ( الكتاب المقدس )، وخاصة في سفر صموئيل الثاني ( 8 : 3 _ 5 ) " وتغلب داود على هدد غرر بن رحوب ملك صوبه الذي كان ذاهباً ليسترد سلطته على نهر الفرات، واخذ منه ألف وسبع مئة فارس وعشرين ألفاً من المشاة، وقطع مفاصل ارجل خيل جميع المركبات وأبقى منها ما يكفي لمئة مركبة، فجاء الآراميون من دمشق لنجدة هدد غرر ملك صوبه ".

وجاء ذكر مدينة نصيبين أيضاً في سفر الملوك الأول ( 11 : 13 _ 14) " واثار الرب خصماً أخر لسليمان هو رزون بن أليدع، وكان هرب من عند مولاه هدد عزر ملك صوبه، فجمع إليه رجالاً وصار رئيس غزاة عندما كان داود يدمر صوبه ".

وكان اليونان يدعونها Antiochia Mygdonia ، وربما سماها السريان أنفسهم بهذا الاسم، لكن اسمها الخاص عندهم هو نصيبين ܢܨܝܒܝܢأو ܨܘܒܐ܆ وهي مشتقة من ܢܨܒ ومعناها زرع، نصب، وقد جاء عنها في نبذة تاريخية محفوظة في كتاب السنهادوسات انها سميت بهذا الاسم لاجل ما فيها من البساتين والجنان،وبالسريانية: ܢܨܝܒܝܢ ܕܝܢ ܕܗܝ ܐܝܬܝܗ ܐܢܛܝܟܝܐ ܕܡܓܕܘܢܝܐ : ܕܡܛܠ ܓܢ̈ܐ ܘܦܪ̈ܕܝܣܐ ܕܒܗ̊ ܡܬܟܢܝܐ ܗܟ̥ܢ.

وقال عنها مار أفرام السرياني وغيره من العلماء السريان انها أكاد المذكورة في سفر التكوين. واشتهرت نصيبين في الحروب الفارسية، ولا سيما في مدرستها الشهيرة التي شاع صيتها في أقطار الأرض حتى في بلاد اطاليا وافريقيا، وخرج منها عدد وفير من مشاهير العلماء الذين خدموا الدين والعلم والشعب أحسن خدمة حتى ان السريان الشرقيين بحق دعوها اِمًا ديوٌلفناْ ( ܐܡܐ ܕܝܘ̈ܒܦܢܐ )أي ام العلوم، ومديٌنَةٌ سوٌكًلاْ ( ܡܕܝܢܬ ܣܘ̈ܟܠܐ )، أي مدينة المعارف، واِمًا دمَلفًناْ (ܐܡܐ ܕܡܠ̈ܦܢܐ )، أي ام الملافنة. ومدينة نصيبين كانت تدعى أيضاً مديٌنة ة خوماْ ( ܬܚܘܡܐ )أي مدينة الحدود، أي كانت تقع على حدود المملكتين الرومانية والفارسية ومن ألقاب هذه المدينة : ترس المدن المحصنة، رئيسة ما بين النهرين، رئيسة المغرب.

 

 

أهمية موقع نصيبين التاريخية

 

كنيسة شفيع نصيبين مار يعقوب النصيبيني في القامشلي

وقد كانت مدينة نصيبين مرتبطة بطريق مهم يصلها بالرها وحدياب ( أربيل ) فأرمينية باتجاه الشرق، وبسنجار والحضر في الجنوب الشرقي، وبميسان حتى الخليج العربي والهند في الجنوب، وبمنبيج فالشام إلى الغرب، وتدمر إلى الشرق الأقصى، وكان ثمة طريق آخر عبر منبيج إلى فلسطين كل ذلك يشكل دليلاً على أهمية مدينة نصيبين التجارية والاقتصادية.

تقع مدينة نصيبين إلى الشرق من الرها، فهي أكثر مشرقية منها، وهي المدينة الحدودية بالدرجة الأولى وبحكم موقعها هذا كحد فاصل بين المملكتين الرومانية والفارسية قديماً، والعراق وتركيا وسوريا حالياً. اتخدت أهمية متميزة كما انها كانت عرضة للمناوشات والحروب الفارسية والرومانية.

 

تاريخ نصيبين

ينسب تأسيسها أيضاً إلى نمرود الجبار، وقيل انها أكد، وهي كالرها محطة قوافل ومركز تجاري مرموق وبقعة زراعية خصبة، واسمها يشهد عليها فهي نصب، زرع، وجاء : لاجل ما فيها من البساتين. وكانت نصيبين عاصمة لمملكة وطنية حتى جددها سلوقس الأول نيقاطور ( 351 _ 380 ق. ب )، ودعاها انطاكيا مقدونية، وتنتازع عليها الرومان. حتى أصبحت بايدي الرومان مند سنة 297فجعلها ديوقليانس ( 284 _ 305) قلعة الشرق الحصينة ومقراً لقائد بلاد ما بين النهرين Dux Mesopotamiae . وكانت نصيبين قد عرفت دمارا وخرابا شديدين في أطرافها سنة 359م، بحيث ان الأرياف خلت من تسعين بالمائة من سكانها، وحاول الامبراطور يوليانس الجاحد ان يقضي على المسيحية في نصيبين كما في المناطق الأخرى. وأن يرفع فيها عبادة الاصنام. لكنه باء بالفشل، واضطر خلفه جوفيان إلى التنازل عن مدينة الحدود ( نصيبين ) لقاء عقد السلام مع شابور الثاني سنة 363م. ودام هذا السلام بين المملكتين ثلاثين سنة. انما على حساب أهالي نصيبين الذين غادروها إلى الاراضي الخاضعة للروم، ولا سيما إلى آمد ( ديار بكر ). كما إلى الرها، بينما اسكن شابور اثني عشر ألف فارس من اصطخر واصفهان وغيرهما في نصيبين. ولا يحق ان نفهم هجرة اهالي نصيبين الا بمعنى تفضيل مملكة مسيحية على وثنية، لا تخلصاً من الشرق. فالاكثرية يختارون آمد والرها، وكلتاهما مدينتان مشرقيتان أصيلتان، وسوف يحن مار أفرام السرياني إلى مدينة نصيبين، فيقدم لها المعونة ابان مجاعة سنة 372م. الا ان نصيبين عرفت تحولاً جذرياً بسبب هذا التحول السكاني والدم الجديد الذي أخذ يسري في عروقها مما اثر على مسيرتها الثقافية اللاحقة.

 

 

دخول المسيحية

المسيحية قديمة في مدينة نصيبين وأهم شاهد قديم حجر ابرسيوس المنقوش نحو سنة 200م، وقصة المسيحية فيها مرتبطة بقصة مار توما الرسول، وأدي، وأجي ( أحي ) والرسول مار ماري، وقد كان فيها كنيسة كبيرة على اسم فبرونيا، وهذه شهيدة من المنطقة نسجت حولها قصة طريفة نشرها بول بيجان في سير الشهداء والقديسين ( الجزء 5، صحيفة 573 _ 615 )، ونقلها إلى العربية ادي شير في كتاب ( شهداء المشرق ) الجزء الأول، ص 112 _ 142 )، ثم تحولت كنيسة الشهيدة فبرونيا إلى جامع باسم زين العابدين.

ولم يتح الحظ لمدينة نصيبين أن تشتهر في القرون الثلاثة الأولى للميلاد كما اشتهرت الرها. لانها لم تكن مملكة، وتأخر أمر اشتهارها ككيان مسيحي متميز.

إذ علينا ان نتظر مار يعقوب النصيبيني أسقف نصيبين لكي تتخد نصيبين مكانة مرموقة بالمعنى المذكور، فهوذا مار أفرام السرياني يسمي مار يعقوب أباً لنصيبين، وهو الذي حسبه أنجبها وأرضعها حليب الطفولة وحملها في أحضانه كآنية عزيزة.

يؤكد ايليا برشينايا في تاريخه ان مار يعقوب بنى كنيسة نصيبين الكبرى واستغرق بناؤها سبع سنوات، وإليه يعزي تأسيس مدرستها وانقادها من حصار الفرس سنة 338م ومند القرون الأولى غدت نصيبين ابرشية كبرى ( مطرافوليطية ) من ابرشيات كنيسة المشرق، واستمرت حتى العصور المتأخرة.

مصادر

تايلاند

فوركس

بلوجر

ماليزيا

حجز فنادق

1 التعليقات:

تايلاند يقول...

شكرا
بوكيت

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.