تعد مدينة تشاناك كالة (تشاناق قلعة)، ذات التاريخ العريق الممتد على نحو خمسة آلاف عام، إحدى أجمل المدن الواقعة على طريق الحرير وأندرها، إذ تمتلك هذه المدينة موقعاً جغرافياً استراتيجياً هاماً، بين منطقتي إيجه ومرمرة، وتمتلك شريطاً ساحلياً يبلغ طوله 671 كم على اعتبار أن البحر يمر بين أراضيها، كما تحتضن في ربوعها الساحرة أماكن تاريخية فريدة تتغذى فيها الأساطير من نفائس التراث الثقافي كما في ملحمتي “إلياذة والأدويسة” لهوميروس متحولة في النهاية إلى حقيقة ملموسة، أنها فعلاً مدينة جميلة في جميع الفصول، إذ يتكامل فيها التاريخ والطبيعة الساحرة في أبهى صورة.
تمتلك مدينة تشاناك كالة التي أطلق عليها في العصور القديمة اسم “Helles Pontus” و “Dardanel، العديد من الأماكن التاريخية والسياحية المميزة، كالحديقة الوطنية التاريخية في شبه جزيرة غيلي بولو Gelibolu، التي جرت عليها حروب تشاناك كالة ذات المكانة البارزة في التاريخ التركي وتاريخ الحروب العالمية، وطروادة Troia وأسوس Assos، المنطقتان اللتان تعتبران مركزين هامين لعالم الآثار في غرب الأناضول، بينما تضيف إليها المدن التاريخية والمناطق المقدسة المتبقة من الفترة الممتدة بين حرب طروادة وحرب تشاناك قلعة شعار السلام.
تتميز تشاناك كالة بحسن ضيافة أهلها، ومناخها المعتدل، وطبيعتها النظيفة التي لم تتعرض للتلوث والتغيير، وإنتاجها الزراعي المتنوع، وأبنيتها ذات الطابع الخاص المتميز بنماذجه العمرانية المدنية، وتعد أحد أهم المراكز الثقافية والسياحية التركية، التي استقطبت اهتمام السياح على اختلاف أذواقهم وميولهم، إذ توفر لهم المدينة فرصة قضاء أمتع الأوقات وسط طبيتعها الخلابة التي تزداد سحراً مع وجود شواطئها الساحلية الممتدة على مساحات شاسعة، وأماكن الاستشفاء المعدنية الطبيعية، بينما تؤمن لهم فنادقها ومطاعمها مكاناً مثالياً لتذوق مأكولاتها الشهية وأسماكها اللذيذة وخمورها المحلية العالية الجودة، ومن المؤكد أن محبي التاريخ والتراث الأصيل سيجدون في تشاناك كالة ضآلتهم، فهي تضم مدناً وأسواراً تاريخية ترجع إلى عهود مغرفة في القدم، ومقابر الشهداء العظماء الذين حاربوا ببسالة في معركة جناق قلعة التاريخية، إضافة إلى صناعاتها اليدوية وفلكلورها التراثي الغني الذي بين عراقة هذه المدينة وأصالتها، أما المولعون بالجمال فيشعرون بالسعادة حينما يعرفون أن أول مسابقة لاختيار ملكة جمال العالم نظمت حسب ما تقوله الأساطير في هذه المدينة.
يتبع مدنية تشاناك كالة العديد من الجزر الجميلة، من أشهرها شبه جزيرة غيلي بولو الواقعة في القسم الأوروبي وشبه جزيرة بيغا الواقعة في القسم الآسيوي، ويصل بين هاتين الجزيرتين خلجان صغيرة وشواطئ رملية.
تعد منطقة هيصارلقلار Hisarlıklar الواقعة بالقرب من قرية توفيقية “Tevfikiye” التابعة لناحية “إنتابا İntepe” في طروادة، المكان الأول الذي أقيمت عليه هذه المدينة، وهي تبعد عن تشاناك كالة 30 كم، وقد أظهرت التنقيبات الأثرية فيها، أماكن تجمعات سكنية عائدة إلى عهود زمنية مختلفة، ومعبداً ومسرحاً، إضافة إلى أساسات البيوت وأسوار المدينة. ولكن أهم ما تضمه هذه المنطقة، ويشكل رمزاً من رموزها الحية هو التمثال الرمزي للحصان الخشبي الذي سوف سيعود بك إلى نحو خمسة آلاف عام ليذكرك بالحرب القديمة بين الطرواديين واليونايين وأشهر خدعة حربية على مر العصور، والميناء التاريخي Alexandria-Troas الذي شيد في القرن الثالث قبل الميلاد، ويزيد من أهمية هذه المدينة كون القديس بولس زارها مرتين في رحلته التبشيرية الثالثة، لينطلق من بعدها إلى أسوس Assos.
أسطورة طروادة
حصان طروادة الحصان الخشبي الذي صنعه القائد أوديسيوس Odysseus المشهور بذكائه ليخدع به أهالي طروادة ويتمكن من اجتياز أسوار المدينة والدخول إليها سراً.
بعد مضى عشرة أعوام على الحرب بين الطرواديين واليونانيين، لم تحسم النتيجة لصالح أي من الطرفين، وبدا الجنود متعبين وغير قادرين على مواصلة القتال، وهنا كان لابد لليونانيين من التفكير في طريقة لانهاء المعركة لصالحهم، لذلك يقترح أوديسيوس، الملك المعروف بفطنته ودهائه، صنع حصان خشبي، وفعلاً، يصنع في وقت قصير جداً، ويقوم اليونانيون بانتقاء جنود أشداء لإخفائهم داخل الحصان الذي وضع أمام البوابة الغربية لمدينة الطراوديين، ليبدأ من بعد ذلك الجيش اليوناني بالإنسحاب مبحراً بسفنه بعيداً إلى بوزجا أضا كي لا يراهم الجنود الطرواديين، ولتسير خطتههم كما يجب، يتركوا جندياً اسمه سينون (Sinon)، مهمته إقناع الطراوديين بإدخال الحصان إلى داخل أسوار المدينة. في صباح اليوم التالي يفاجأ الطرواديون بانسحاب اليونانيين، ويحتاروا فيما يفعلونه بأمر الحصان الخشبي الذي اعتبرونه بعد التفكير والتمحيص، هدية الرب إليهم، تقديراً لانتصارهم الساحق على اليونانيين، وفي هذه الأثناء يظهر سينون باكياً، ويخبرهم بكرهه الشديد لليونانيين الذين قرروا تقديمه قرباناً من أجل هبوب الريح التي ستعيد اليونانيين مجدداً إلى ساحة المعركة، لكنه تمكن من الفرار والنجاة منهم، أما بالنسبة للحصان فقد صنع من أجل تقديمه قرباناً مقدساً للإلهة أثينا، فإذا قمتم بحمايته وإدخاله إلى المدينة ستقوم الآلهة بحمايتكم والعطف عليكم، وفي حال إحراقه فإنها ستصب جام غضبها عليكم.
يصدق الطراوديون المتلهفون للسلام رواية هذا الجندي، فيدخلوا الحصان إلى مدينة طروادة، وتقام من أجل نصرهم المزعوم الاحتفالات في أنحائها كافة، ليناموا ليلتهم قريري العين، مرتاحي البال، ولكن ما أن أنسدل الليل حتى تغير مجرى الأحداث، وتحول نصرهم هذا إلى كارثة حقيقة، إذ خرج جنود اليونان المختبئين داخل الحصان وفتحوا أبواب المدينة من الداخل ليعبر إليها الجيش اليوناني الذي دمر المدينة بكاملها بعد أسر سكانها، أما من تبقى منهم فقد استطاعوا الهرب إلى جبل إيدا Ida بقيادة آينياس ِAieneas، متمكنين بعد رحلة طويلة من الوصول إلى إيطاليا، واضعين حجر الأساس لبناء حضارة روما، وفي نهاية هذه الحرب الدامية استطاع ملك اليونان إعادة زوجته الجميلة هيلين إلى مملكتها بعد أن قتل حبيبها باريس.
لا تغادر مدينة تشاناك كالة قبل أن:
• تشاهد شبه جزيرة غيلي بولو.
• تزور مقابر الشهداء وجبل قاز Kaz Dağı.
• تمتع بمشاهدة مغيب الشمس في أسوس.
• ترى مهرجان الفنون البصرية.
• تتجول في طروادة وتصعد إلى ظهر الحصان الخشبي.
• تغوض في الخلجان الصغيرة لجزيرة غوكتشا Gökçeada.
المصدر:
مجلة رحال تركيا
إسماعيل زلفي
مصادر
تايلاند
فوركس
بلوجر
ماليزيا
حجز فنادق
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.